" يوما ما " لـ مرح عبد -->

إعلان أدسنس

آخر المواضيع

breaking/مقالات/9

الأحد، 7 يناير 2018

يناير 07, 2018

تكبير النص تصغير النص أعادة للحجم الطبيعي


يوما ما

اسمي إبراهيم، سأروي لكم اليوم قصّة والدي عاصم وجدتي صفيّة كما سمعتها من أهالي الحي.
يقول الناس:
"عاصم شاب في الثلاثين من العمر، وحيدَ أمه، متزوّج ولديه طفلٌ اسمه ابراهيم، يعملُ في وظيفةٍ مشبوهة تجلبُ له الكثير من المشاكل.
غاب عاصم عن الأنظار عام 1973، اختفى فجأةً أثناءَ عودته من العمل، احتلّت صوره كافّة الصحف في المدينة، أعمدةَ الكهرباء، وجدران المساجد الشاهقة بعنوان "مفقود" ..
مرّت الأعوام رتيبةً على العائلة بعد غياب عاصم، كبرَ طفله الجميل وبدأ يخطّ أولى حروفه في المدرسة، انشغلت الزوجة بإحدى الوظائف الحكومية، أمّا أمّ عاصم؛ فيا شقاءَ الأيام والليالي!
حاولَ زوجها طوالَ سنين الغياب أن يخفف عنها مُصابها ويخرجها من مطاحنِ الذكريات: "حرام عليكِ يا أم عاصم ارحمي حالك"، لكنّ لهيبَ قلبها لم ينطفئ ساعةً واحدة، كانت تقسمُ أنها تسمعُ أنفاسَ ولدها تجوب هذا العالم وأنه عائدٌ إليها عمّا قريب.
ولأن قطارَ الموت أسرعَ من كلّ شيء، اختطفها الموتُ في ليلةٍ خريفيّة موحشة، ونثرَ على الشيب تربةً لا غطاءَ دونها.
كانت آخرَ كلماتها على فراش الحق: "إن عاد عاصم أخبروه أنني انتظرته طويلاً وخبزتُ له الفطائرَ التي يحب."

صدرَ عفوٌ رئاسيّ في مطلعِ العام التالي، وأبصر عاصم النور بعد ثلاثينَ عاماً من الظلام، عادَ إلى منزله المسكونِ بالأسى، والفارغِ من كلّ شيء إلا من الخراب، لا أحد يستقبله.
علم لاحقاً أنّ والدته لاقت وعدَ ربها وهي تنتظره، وأنّ الشوق نهشها دونَ رحمة. زارَ عاصم قبرَ والدته في ذلك اليوم، وقرأَ في أسفلِ الشاهدة بضع كلماتٍ تقول: "أعلمُ أنه سيعود يوماً ما رغم مرور الزمن" انحنى اليتيمُ فوق القبر يبكي ويصرخ: أماه لقد عدت! أمضى الليل بطوله يروي لها قصص الطفولة التي حفظها والأغنيات العابقة في قلبه منذ الصغر. يُقال أن عاصم نام في حضن أمه ذلك المساء ولم تشرق عليه الشمس بعدها."
#marah_abd

إرسال تعليق

شظايا مبدعة