هيفاء
إمرأة لا تتقن مسك شفرة الحلاقة،يتوج شعر شاربها ملكاً على عرش انوثتها، وكأنها تستحم بحمامٍ من التستوستيرون وقد خلف حب الشباب دهاليز على وجنتها ،حفراً من وجع أنثى تصهل روحها كمهرة يجلدها سائس لايفقه في ترويض الخيل سوى جلدها بسوط التهميش والتهشيم .
أنوثتها معدومة ،مصدومة بمجتمع صار يحكم بحجم ثدي وقوامٍ ممشوق .
خشونة يديها تشهد بقساوة عملها كممرضة في دار المسنين وقد شابَ شبابها مع جملة من منسيِ سعادة الحياة ،قد تخلى عنهم فلذات أكبادهم ونست معهم أنها بعمر الخمسة والثلاثين .
هيفاء لم يدق خصرها ،بوجه طويل عابس أصبح عانس على فرح ،ملامحها قاسية ذات ذقن حاد ،وأعين جاحظة طولها يفوف طول ،الإناث القصيرات الساحرات، يغزو الشعر جلدها ذراعيها وفي مقلة عينها ألف غصة.
تتعمد لبس اللباس العريض الغليظ ،لتخفي جسمها الباهت الشغف ،المطفي السحر ،تصطف أصابع رجلها كأسنان مشط عتيق ،تنتعل حذاء رياضياً يسهل عليها الهرولة والهروب إلى الشوارع الخلفية تجنباً لأسهم الناس الجارحة بكلامٍ صامت .
تسكنها طفلة وردية الأحلام كثيرة الكلام والفرح ،عند مرورها بمحل بيع الحرير تتعمد ملامسته بأناملها خفية من أعين الباعة ،تتحسس تفاصيل الحنان والرقة في هذه اللمسة الجريئة بالنسبة لها ،التي صار الحرير يخشى خشونة هذه الاصابع العملاقة التي تشبه مجرفة الثلج .
تكرر ترددها على مدخل المحل لإشباع غريزتها من حنان مسروق من حرير أحمر اللون.
تقف أنوثتها تكلم وتحاكي هذه الاكوام من المخمل الجامد ،تشكو إليه فقرها وعوزها من العطف والاحتواء تملي عليه أحلامها بجنين يسكن أرحامها وبنت. ترضع من حلمة صدرها الظامر التفاصيل .
تسهو في قضم أظافرها التي لم تدلل يوماً بمنيكير ،تتحسس شعرها المربوط المخنوق بربطة سوداء حداداً على حريته ،مخفية لمعاليمه المجنونة الذي لم تسمح له الفرصة أيضاً أن تمشطه او تلون خصلاته أيادي حلاقة متمرسة ،وتعيد ملامستها إلى هذا الحرير الأحمر تأخذ منه لروحها عرساً أنثوياً
هنا يقف الحرير متأسفاً على حالة نفسها التي ضاعت بين طيات جسم ذكوري لعين ،وما ذنبها سوى أنها نسيت ذخيرتها من الاستروجين في مشيمة أمها عند الولادة.



إرسال تعليق