مُنذُ أَوَّلِ شهقةٍ لي،حينَ ذهبَ الظَمأ وابتلَت العروقُ بالدم،منذُ كُنتُ في رَحمِ أُمي رأيتُ سلسلةَ حياتي بالدقيقةِ والثانية،كنتُ طفلةً في عُمرِ اليوم وداخلي إمرأةٌ بالغة ، وجهُ الطبيبِ الذي قَطَعَ لي الحبلَ السري كانَ مألوفا كانَ قد قَطَعَهُ مرةً قبلَ ذلك،كُنتُ أعلمُ أنَّ بعد َساعةٍ من ولادتي سيتصلون به ويخبرونه أنَّ ابنهُ الوحيد قد تعرَّض لحادِثِ سير،ياليتني كُنتُ أستطيع التكلم لأخبرته بذلك،وبعدَ ساعةٍ تماماً أتوا لهُ بالخبرِ الشنيع،ومنذُ تلكَ الساعة بدأتْ قصتي في الحياةِ التي سأعيشُها مرتين،بدأتُ الذهابَ للمدرسة وأنا مُنعزِلةٌ حتى عن نفسي،بدأَ المعلمونَ بإعطائِنا دروسا" عن الأحرفِ الهجائية،مساكين لايعلمونَ أنَّني كاتبة صاحبة ُعدَّةِ روايات ودار نشر،بدأت مراهَقتي وطرقَ الحبُّ بابَ قلبي،ولو أنِّي كنتُ على يقين أنَّهُ سَيتزوج ابنة َعمِّه،لكن ما استطعتُ إلَّا أن أعيشَ معه كلُّ تفاصيلِ الحبِّ حتى أنِّي كنتُ أعلم ُهدايا عيد ِمولدي التي سيجلِبها لي قبل أشهر من ذلك،في يومِ الفراق أصبحتُ مسلوبة الأمل من تغييرِ الواقع ولو بحدثٍ بسيط،تكورتُ في سريري،وسريرتي ما زالت ممتدة،أخذتُ أفكر،أهلوس،لقد مللت أن أعيشَ اليوم َمرتين من دون خلل ٍفي تسلسُله التراتبي،أصبحتُ أنا وداخلي في مرض،مرضٌ يقضِم مني الكثير،مرضٌ شلَّ أملي في الحياة،مرضٌ جعلني أنا ونفسي في صراعٍ مستمر،كنتُ دائمةَ التحدثِ معي ،كنتُ غريبة،أنا وحيدةٌ في العالمين،ومرةً تلوَ أُخرى حاسَتي لم تكْن السادسة بل تجاوزتها الى أن وصلت لرقم ٍغيرِ معلومِ التصنيف،وتلك الحاسة كانت تميتنُي مع أقرب الناَِّس لي،صديقتي؛روحي اَلثانية،تلكَ التي قضينا مع بعضنا عَشَرَ سنوات،كانت فتاة ًتتعاطى الياسمين وتُسِكر البشرَ بعينيها،أتت لي بظرفٍ تدعوني لحفلِ زفِافها،وخفَقةُ قلبِها تصل إلى صميمِ أُذُني وهي تُؤَّذنُ بالحُب،كيف لي أن أُخبرها أنَّ فرحُها الموعود سينقلبُ َلشقاء تجرُّ فيه عرباتُ الخيبة فُستانَها الأبيض،بعدَ أن يموتَ ذاك الذي كادَ أن يكونَ زوجُها،أصبحت ُأحقدُ على نفسي،حاولتُ الانتحار،لكن الإيمان الموجود داخلي أبى ذلك،إيمانٌ كان ناراً بينَ أضلعي بدلَ كونِهِ نور،لجأُت لدكاترَةٍ نفسيين ولكنهم مَرِضو من مرَضي،أصبحت حياتي تتغلغَلُ في ثنايا يديّ وبين ردهاتِ أوردتي،وأمامَ ناظريّ وأنا كالصنمِ بلا حراك،أريدُ ثَقبَ ذاكرتي يارب!!كان عليَّ أن أموتَ قليلاً لأرتاح َمن رتابِة الحياة،أخي،فلذةَ كبدي،ذاك الذي كنُتُ أرتكِز ُعلى كتَفيه وأشدُّ على َكفيّه،خرج من البيت في ليلةٍ شتائيةٍ دافئة،حاولتُ بشتى الطرق منَعه ولكن..،عندما أخبرته أنَّه سيموتُ إن خرج قالَ ضاحكاً كلُّ شيءٍ قضاءٌ وقدر،لم يكن ْيعلم أنَّ القدر صاحبي الوحيد والملازِمُ لي،لايُخفي عني شيء،عندها أحسستُ أنّي ارتكبْتُ جريمةً برخصة،أخي ذهبَ وفعلاً لمْ يعد،مبعثرةٌ أنا لا أجدُ نهايةً لشيء،لم يكنْ يسنِدُني سوى يأسي من نفسي،كنت ُمصرًة أنّي سأحيا بعدَ كرُبتي،كنتُ أعلم أنّي سأموتُ بعد سماِع صوت القذيفة بعدَ أن تفتح أُمي الباب،نظرتُ لتاريخِ اليوم بعد مُضِيِّ أكثر َمن كتابٍ لي،بعد أن بدأتُ أصعدُِ سُلَّم النجاح،لأرى اليوم،هو يومُ موتي،تلكَ كانت المرة الأولى التي أرغب بها بالتشبثِ بالحياة،هاهي أُمي تفتحُ الباب..وها هو صوت ُالقذيفةِ يدوي..،معلناً بداية َحياتي الثانية..حياةً مسدولَةَ الستار،يدوي كرائِِحة ِالسلام ِلي




إرسال تعليق