"قانون الروحانية وخيبة التآذي"
ما أجمل الجنون حينما يمتزج بالحب والبراءة،وقبلة تنتظرها كلَّ يوم من طفلتك ذات الأربع سنوات..
كعادتها تستقبلني من عتبة الباب بقبلة ًعلى وجنتي ،وحضنٍ دافئ أُداعبُ كفيها الصغيرتين ،أرميها في السماء،أُلامس شعرها ،تضحك بصوتها العالي ممسكة قميصي واثقة أنني سأمسكها مجدداً، تشدني بيدها لحديقة المنزل لأدفها على الأُرجوحة،تصدحُ بصوتها الناعم وضحكتها التي اختلست قلبي (قويّها من شدة مابنزل إلا بأتلة)
فيقاطعنا نداء زوجتي لنتناول وجبة الغداء،نتسامر ونتبادل البسمات ،لتتبدَّل فجأة ملامح زوجتي لغضب جامج كونها تذكرت أنني نسيتُ إحضار كعكها المفضل،اعتذرتُ منها وراضيتها بنزلة للسوق وبذلك قد أعدتُ ملامحها لفرح،لدرجة أنها أضافت لي قطعة من المعكرونة المحمصَّة بالجبن في صحني،آخذُ قيلولة، ثم أهم ُّللمقهى وأصدقائي كما كلَّ يوم،نتبارز بفوز المباراة بين مدريد وبرشلونة هذا يُشجِّع والآخر يهتف والثالث يشتم،وبذلك تنتهي الجلسة بتحطيم الطاولات وخسارة زجاج المحل ،
قبل النوم يومياً اعتدتُ َّ أن أقرأ كتاب ،لكن هذه المرة كان الكتاب غريب إلى حدٍ ما،لفتني عنوانه الروحاني
كان رأسي يتصدَّعُ ألمَّاً منه، لكن ثمَّة شيئاً ما يشدني لتصفح تفاصيله أكثر،غرابته ،رموزه العجيبة،وكلماته الغير مفهومة،تعمقتُ به حتى أصبحتُ أرى أقزامه وعفاريته أمامي يرافقونني في كل مكان ،تفاقم الوضع معي جداً ،خرجت ُعن سيطرة نفسي،أطيلُ المكوث في المرحاض لساعاتٍ طويلة وأنا محيط نفسي بالشمع ذو رائحة اللافندر الجميلة ،أصبحتُ فظ الأخلاق،صعب الطبع،وخاصةً حينما يشتد ُّألم رأسي وتبدأ يداي بالارتجاف،أحطُّم كل مافي المنزل ،أرمي الطعام في الأرض ثم أدوس عليه ،وتارةً أمزقُ ملابسي وأشطبُ وريدي كانت تلك الحالة ترافقني كل ليلة ،ذهبتُ لأطباء ٍكُثر لكن دون جدوى ..
جميعهم قولهم واحد "لا تعاني من شيء" إلا أن الطبيب الأخيرَ منهم برهن تلك الأحداث بأنني أعاني من مرض ٍنفسي بل مجنون، أما زوجتي فحفظت طبعي الجديد ،تدخل غرفة ابنتنا وتُحكم إقفال الباب،لكن اليوم مختلف !!،
ودعتني زوجتي مسرعة تاركة "نيفين"في المنزل مرددة أنها مضطرة للذهاب لزيارة والدتها التي تمكثُ في المشفى بسبب حادث آلم بها،ربما ساعة لا أكثر وتعود ،لكنَّ صوت نحيب بكاء طفلتي استفزني كثيراً ،كان شيئاً ما بداخلي يُحدثني اقتلها وتخلص من صوتها الأرعن
توجهتُ المطبخ وكأنني بقوة عشرة رجال ،سحبتُ أكبر سكيناً من الدرج ،و توجهتُ لغرفتها رأيتها بشعة كثيراً ،شددتها من شعرها ومررتُ السكين على عُنقها من الوريد للوريد ،حينما رأيتُ الدم يتنافر منها كالشلال وهي تشهقُ بزفرةِ حقد لرغبة في الصراخ وعيونها تحمل اللوم لي ،شعرتُ كأنما أحدٌ صفعني على وجهي وهزنِّي بقوة لأرى ما فعلت،حاولتُ إنقاذها لكن دون جدوى ،قتلتها بيديَّ الاثنتين ،وخسرتُ ابنتي و زوجتي للأبد ..
تلك المشاهد جميعها تكررت اليوم أمامه كشريط من فيلم وهو عالقٌ بين قضبان الزنزانة منتظراً حُكمه..
القاضي :حكمت المحكمة على المدعو بالإعدام شنقاً ،قراراً وجاهيَّا ًغير قابل للطعن،رُفعت الجلسة




إرسال تعليق