" مطر تشرين العقيم " لـ نور شدّاد -->

إعلان أدسنس

آخر المواضيع

breaking/مقالات/9

الاثنين، 16 أكتوبر 2017

أكتوبر 16, 2017

تكبير النص تصغير النص أعادة للحجم الطبيعي


مطر تشرين العقيم
هذهِ المرة حفنةُ المطر التي كنا ننتظرها لم تنجب آمالاً كما كنا نتأمل أنجبت أثقالاً وُضعت على قلوبنا و أوصدتْ عليها بقوة

الرابع و العشرون من سبتمبر رائحةُ موتٍ قوية تتوغل أنفاسي، جمرٌ يلهبُ بقلبي ناراً و لا يُطفئها ، نومٌ متقطع أرقٌ دون سببٍ مقنع ، بكاءٌ طعم دمعهِ ليس مالحاً فقط بل مراً أيضاً ، خوفٌ غير مبرر ، معاركُ داخلية طاحنة ، أحلامٌ مرعبة

كل هذه الأشياء اعتنقت داخلي ورمتني في براثينِ خوفٍ و وجعٍ عميقين ، سكبت في روحي الكثير من التساؤلات ماذا يجري يا الله ؟! أخبرني!! رائحة الموت تخمرَّت في أنفي أنفةً المغادرة و الدموع نجومٌ ثرية على حواف جفنيّ تسقطُ و لا تنفد تعاود النزول مراراً و تكراراً ، يا رب هل أستجعل ملكَ الموت ليزورني الآن!! أليس الوقت باكراً ؟ للوهلةِ الأولى أخبرني حدسي بأني سأكون الضحية ، روحي تحدثني هيا نور علينا أن نفعلَ شيئاً جميلاً قبل أن نَمُتْ ، قومي بأخذِ الرضا من والديك ،صالحي صديقتك ، قولي لإخوتك أنكِ تحبينهم ودّعي الرفاق بخفة و أهديهم زهوراً قبل أن يضعوها على قبرك خالفي الموتَ بالحياة و كأنهُ لن يحدث ، فعلتُ ما أملتْ عليه روحي مع أداء الصلاة و تلاوة القرآن لعدة أيام لم ينالني طعم الراحة قط .

الثامن و عشرون من سبتمبر لا زال الشعور قائماً،
ما الحيلة ؟! أيضاً تساؤلاتٌ تساؤلات ماذا يجري يا نور ! هنا قد أيقنت أن الموت ليس لي ،لمن إذاً!!لابد بإنه لأحد أقاربي"حدسي يخبرني" حاولتُ تجاهل الشعور .
في تلك الليلة بالذات لم أتذوق طعمَ النوم سوى لساعةٍ واحدة مستيقظةً بعدها على صوتِ صراخي

حلمٌ مزعج آخر لكنه مختلف ! شاهدتُ كل الأحداثِ بدّقة الصاروخ، الجرحى، الموتى ، المشفى ،ابن خالتي، الشظايا و حالة الرُهاب العائمة ، الأسرى المحتجزين، حالةُ العجزِ و الضياع التي أنتابتني
قد كنت وسطَ الحرب في أوج حلمي الذي تجاهلته كثيراً ، إلى أن أتى يمشي صوبي بهدوءٍ تام على هيئة خبرٍ في الخامس من أكتوبر مضمونه استشهاد محمد ابن ابن خالتي وشاباً آخر لا أعرفه
شعرت بتجمدٍ في كافة أنحاء جسدي عدا قلبي الذي غدا رماداً ، لربما الأمر مضحك لكن سماع خبر موتهما خففَ عني قليلاً من العبء الذي تبقى منه الكثير ،لا زلت أتألم أنيني لم يرحل يا ترى هل هناك شيءٌ آخر ؟! لم أشأ الغرق في الحزن، قررت تناسي الأمر

السادس من أكتوبر ارتياح عمّني منذ الصباح حتى الساعة الثانية ظهراً ، أمواج همومٍ راحت تلطم قلبي تغرقهُ في معمعة الهلاك وشعوري يسترسل هامساً هناك موتى جدد!! قبعتُ في منزلي أرتجف خوفاً غير قادرة على الإتيان بحركة أنظر يمنةً و يسرى في جدران غرفتي حتى أتاني اتصال من أبي يخبرني فيه بوفاة أربع شبانٍ جدد "أحداث الحلم المزعج اكتملت"

كان الأمر أشبه باستحضار الموت للحياة ، بقذفِ قذيفةٍ في صفحةٍ مكسوةٍ بالبياض ، كان المقذوف قلبي و الفجوة التي تكوّنت كانت على قدّر فجوة قلوب من أحب ، من أنا لاتسع للعالم أجمع أو من هي روحي لتطوف حوله كل هذا الطواف !
ألهذه الدرجة شعوري مُتمكنٌ مني ، أتساءل الآن كيف لي أن أعلن الحداد على أرواحهم و أنا أعيشه منذ أربعة عشر يوماً !
كل هذا حصيلة ألم نصف شهرٍ تقريباً في داخلي فما بالك إن تجسد في واقعي ، أدركت عندها أن الموت كان من نصيبي لكن بطريقةٍ أخرى

#نور_شداد


إرسال تعليق

شظايا مبدعة