"طفولة محتارة" لـ محمد فوطي -->

إعلان أدسنس

آخر المواضيع

breaking/مقالات/9

الأربعاء، 18 أكتوبر 2017

أكتوبر 18, 2017

تكبير النص تصغير النص أعادة للحجم الطبيعي


طفولة محتارة

أذكرُ كلماتِ والدي و كأنهُ بالأمس
" الكذبُ ملحُ الرجالِ يا بُني " قالها لِي و هوَ يغادرُ حزيناً..
في ذلكَ اليومِ بكت فيه أمي كثيراً فقط لأنها اشتَمت عطراً علی قميصِ أبي يومها لم أفهم سببَ بُكاءها فذاكَ العطرُ قد ابتاعهُ والدي لها عندما كنت معه ، هو أخبرني بذلكَ حين سألتهُ لمن هذا العطر ، كما أنهُ طلبَ ألا أخبرَها لأنهُ يريدُ أن يفاجئها به ، لماذا بكت أمي إذاً مع أن أبِي أحضرَ لها هدية ليسعدها !!
حزنتُ جداً علی والدي الذي خرج من المنزلِ مسرعاً مكسورَ الخاطر فقط لأن أمي لا تحبُ المفاجآت مسكينٌ أنتَ يا أبي..
لكنّ أمي لم تكتفي بكسرِ خاطرِ والدي بل إنها جاوزت في قسوَتِها عليه حد الرحيل حزمت حقائبنا وانتظرت حتی يعود ، ولما جاءَ المساء وجدَ تلكَ الحقائب بجانب الباب ثارَ غضبُهُ وتعالی صوتهُ علی أمي بالصراخِ والشتائم عندها أدركتُ كم أن أبي يحبُ أمي فهو لا يريدها أن تترُك المنزل و تغادر ، اه كم غضبتُ من أمي يومها ، وبعد جولة مرهقة من الأخذ و الرد ما بينهما ختم أبي كلامه بمقولة أعجبتني وقتها " الرجلُ لا يُعيبُهُ شيء "
لم أفهم تعنُتَ أمي وقتها ولماذا قررت أن تتركَ المنزل حتی جدي عندما ذهبنا إليهم تغيرَ لونهُ و هاجَ غضبهُ عليها بعدما قالت له كلمة ظننتها شتيمةً كبری
" أريدُ الطلاق "
كم كبرَ جدي في عيني يومها عندما أعادَ أمي إلی المنزل وأخبرها أنَّ الناسَ ستأكل وجههُ إن علمت أن ابنتهُ تركت منزلها وتريد الطلاق كنت أستغفر الله كلما ذكرت كلمة " مطلقة " حسبتها كلمة من الكبائر المحرمة..
لكم احترت وقتها كيف ستأكلُ الناس وجهَ جدي لا أعلم؟ ولماذا تفعلُ أُمي كل هذا بمن حولها!!
" رجلٌ في البيتِ رحمة و إن كانَ فحمة " تلك هي العبارۃُ الوحيدۃ التي نطقت بها جدتي وهي تودعنا بالباب لطالما اعتبرتها بليغة الحرفِ ..
طوالَ الطريقِ و دموعُ الفرحِ لم تفارق وجهَ أمي..
كبرتُ يا أبي و أدركت أن ملحَ الرجال هذاِ حولَ حياتي علقماً وأن الرجلَ يعيبهُ كل شيء عند الخطأ ، كبرتُ يا أمي ولست أمتلك جرأۃً تكفي لأعتذر لك عن ظُلمي لدموعكِ لبراءتي طفلاً و لتفاهةِ هذا المجتمعَ..

facebook



إرسال تعليق

شظايا مبدعة