" سلاما لي " لـ سوار المازني -->

إعلان أدسنس

آخر المواضيع

breaking/مقالات/9

الخميس، 2 نوفمبر 2017

نوفمبر 02, 2017

تكبير النص تصغير النص أعادة للحجم الطبيعي
أنا دمعة حارة تدحرجت من عين أمي فتغلغلت داخل ثقوب جلدها ، احترقت بين حنايا ضلوعها لتستحيل رمادا راكدا في رحمها فأصبحت نطفة لم تلبث كثيرا في بطن أمها ، كانت تتوق لتخرج للحياة مبكرا ، ولدت مع فجر أول يوم من تشرين الثاني حيث كانت أول شيء تذوقته هو قطرة ندى متجمدة عوضا عن حليب صدر أمها، لقد كانت جافة تماما لا تمتلك قطرة واحدة تطعمها إياها ، كل ما تعرفه هو أنها مخلوق معصوم من الفرح و قد نسبت إليها طفلة حكم عليها أن ترث عنها هذه اللعنة ، لذلك قررت بأن تقطع نسل هذه العائلة لأكون أنا آخر غصن انكسر منها و اندثر مع رياح خريف عمرها الهرم.
كلانا احترق ضجرنا في موقد الماضي مع سنيننا الخائفة و لطالما حلمنا بامتلاك لذة تلف أيامنا فتضاهي بذلك التقهقر ، أتوق لمعرفة كيف لك أن تتجاوزي مقولة بأن طيور الحزن التي هشمت أعشاشها عادت لتنقب بمناقيرها القاسية بؤبؤ عيون الفرح لتطل و تمتد منها خيوط العتمة بدلا من دفء خطوط شمس الغد التي تفتك بوحش كان ظله يتبعنا خطوة خطوة ، فأراك أنت معجزتي ترسمين حياتي في العتمة بعيدا عن أصابع الذين حاولوا أن يشوهوا روحي عدة مرات .
سلاما لي و ليوم مولدي "السعيد" ربما بعين اللذين يعرفونني و لم يروا سوى ثغر باسم مني و كتف ثابت يحملهم وقت خيباتهم .
سلاما لأمي و لعطر صدرها ، لنفسها الذي يلفح وجهي ، لنبض قلبها الذي كان يسحبني في كل مرة و ينتشلني من دوامة حزني القاتمة ، لأناملها الوردية التي أحاكت لي ثوبا يدفئ رعشة روحي بجوارها ، لذراعيها اللذان مثلا لي وطنا آمنا لم أعرف فيه يوما معنى غربة شردتني و أنهكت قواي ، لخصلة شعرها الممتدة من أعلى رأسها إلى أسفل خدها و إذ بي اكتشفت مع الأيام أنها كانت تخبئ بها عني ندوب عمرها في سبيل انحناء ثغري لها تقديسا لروحها .
ليس كل ميلاد هو احتفال و تمجيد لذكرى مولدنا أو زيادة في أعمارنا ، فأحيانا تغتال سنواتنا مع كل ذكرى مولد لنا نلتمس فيها أحبابنا و لا نجد لهم سوى آثارهم المحفورة المحترقة على رفوف الطاولات المنسية .

facebook





إرسال تعليق

شظايا مبدعة